هبطت أسعار الذهب عقب بيان الفيدارلي الأمريكي للفائدة على الدولار الأمريكي، والتي صدرت وفق التوقعات بربع نقطة مئوية، لتنخفض أسعار الفائدة من 4.75% إلى 4.5%.
المثير حقا كان في تصرف الأسواق المالية تجاه الذهب، هو تحرك الأسوق المالية ضد الذهب، بالرغم من وضوح المسار التيسيري حتى الآن، فبرغم اللهجة المتشددة في التصريحات، إلا أن القرارات مازالت متساهلة، وتقرر خفض الفائدة، سواء كان الخفض بربع أو نصف نقطة فالنتيجة التراكمية على المدى القصير هو محو كل الارتفاعات التي تمت من قبل، والوصول بمستويات الفائدة لمستويات أدنى.
فلماذا لا يربح الذهب؟
ببساطة لأن الرسائل التي أراد أن يوصلها جيروم باول، رئيس نظام الاحتياطي الفيدرالي كان المقصود منها وقف الزخم الصعودي للذهب، ووقف الإضرار بالدولار، ولو بشكل مؤقت، في نهاية العام، مع ترك مساحة للأموال الذكية لتعمل عملها بالأسواق، وتصنع عوائد جيدة من التحركات غير المنطقية، وغير المبررة.
فالرسالة التي حاول باول مرارا وتكرارا إيصالها لجمهور المتابعين هي بالصل رسالة مستهلكة، وقد تم تجريبها أكثر من مرة، لكن القيادة النفسية للفيدرالي، على ما يبدو، ناجحة في صناعة الارتفاعات المطلوبة في وقتها، وكذلك الانخفاضات المرغوب فيها في وقتها.
فالتلويح بتشديد السياسة مع بدء دورة خفض الفائدة هو أمر مستهجن، إذ كان الأولى بمن يلوح بالتشديد بعد اول خفض للفائدة، ألا يبدأ الخفض من الأساس، وكان عليه الانتظار حتى يصل للأهداف، بدلا من الانتقال لعكس السياسة بشكل كامل، ثم إظهار رغبة متشددة!
ارتفاع الأسواق المالية دليل واضح على خطأ التسهيل
فهذه الارتفاعات الجنونية بأسواق المال أليست دليلا على وجود محفزات التضخم؟
لماذا يتجاهل الفيدرالي تلك الفقاعة الضخمة التي تصنعها الأموال الرخيصة التي يقوم بضخها من حين لآخر؟
ألا تشكل تلك الفقاعة أي أثر سلبي على الاقتصاد؟
ألا تحفز تلك الفقاعة التضخم، وتنشره في كل أركان الاقتصاد؟
هذا الأمر غير مفهوم حتى الآن.
ويتصرف الفيدرالي وكان معركته الوحيدة هي الحفاظ على ارتفاعات وول ستريت، واعتبار مبالغ فيه للاقتصاد المالية على حساب الاقتصاد الصناعي والإنتاجي.
وهو ما تحدثنا به كل الأرقام السلبية التي يحققها الاقتصاد الأمريكي كل عام، مع تراجعاته المستمرة، سواء على الصعيد الدولي، أو حتى محليا مع تقلص نسبته من الناتج المحلي، لصالح الأمولة.
ارتفاع الذهب فريضة الوقت!
لا يتصور أبدا أن يتخلى أحد عن الذهب وهو يرى تلك التصرفات، والسياسات المتناقضة، مع فقدان الاقتصاد الذي كان الأكبر عالميا مكانته وسطوته، مما يفقد الدولار الثقة التي كان يتمتع بها عندما كان الاقتصاد الأمريكي يمثل ما يزيد عن 50% من الاقتصاد الدولي.
ولا يمكن تخيل دولة محترمة تستطيع المغامرة بمستقبل غير واضح المعالم مع ورقة غير مستقرة، وتتعرض لتلاعبات كبيرة في التسعير، وبشكل رسمي، في صورة سياسات نقدية غير مسئولة نشرت التضخم بالعالم، وتهدد استقرار الاقتصاد الدولي، وتحولت لسلاح يتم معاقبة الدول به.
لهذا أعتبر هبوط الذهب الحالي محض مضاربات مؤقتة، يصنعها حيتان وول ستريت، برعاية رسمية، إن صح التعبير!

محلل المعادن الثمينة، وخبير الأسواق المالية الدولية.
الرئيس السابق لقسم أبحاث السوق في Bullion Egypt.
مع خبرة تزيد عن 25 عاما في تقديم الدعم والتعليم، والاستشارات
المالية، والاستثمار في الأدوات المالية المختلفة، ضمن سجل مهني حافل.
اترك تعليقاً